(شيزوفرنيا) هكذا تعود الناس على نطقها، لكنها في الحقيقة
تنطق (سيكدزوفرنيا) وتعني المرض العقلي، الفصام. «سيكدز» تعني انفصاما
و«فرنيا» النفس، أو الروح، لكن الصحافة والشعراء يستخدمون اللفظ للاصطلاح
على ازدواج الشخصية، في حين أن الأمر جد مختلف وأبعد وأعمق من ذلك بكثير.
السيكدزوفرنيا مرض عقلي مزمن وشديد، يتسبب في حالة عدم علاجه في حالة من
الفوضى السلوكية والخطر على صاحبه والآخرين، ويصيب حوالي 1% من عدد السكان
في كل بلاد العالم، ويظهر أكثر في الرجال في أوائل العشرينات من عمرهم أو
في أواخر سن المراهقة. أعراضه مرهقة مزعجة تتراوح ما بين هلوسات سمعية،
تتمثل في سماع أصوات لا مصدر لها ولا يسمعها غيره، أو الاعتقاد بأن الآخرين
يمكنهم قراءة أفكاره أو أن أفكاره تذاع على الملأ، أو أن البعض يمكنه
التحكم في موجات الدفاع ومراحل التفكير، أو أن هناك مؤامرة للإيذاء بدس
السم أو محاولة القتل، وهذا شعور جامح بالاضطهاد. باختصار، فهو خلل واضطراب
شديد يصيب التفكير، الشخصية، السلوك، ونمط الحياة ككل.
لكن تقدم العلم الطبي النفسي والعلاج الدوائي والمعرفي وسبل التأهيل والدمج
في الحياة العامة، جعلت التعافي منه أمراً ميسوراً بعد التدخل الصحيح في
كيمياء المخ العصبية خاصة زيادة حساسية مستقبلات مادة (الدوبامين) المسؤولة
أساساً عن (التفكير) وكذلك مادة (الجلوتامات).
يعالج الفصام بالعقاقير (المعقلة) المنظمة لكيمياء المخ. ولقد تقدم العلم
الحديث في هذا الشأن إلى درجة مدهشة، غير أن الدواء وحده لا يكفي لأن
العلاج التأهيلي والاجتماعي والوظائفي ضروري جداً، إلى جانب تعليم أهل
المريض وتوعيتهم بطبيعة المرض وكيفية التعامل مع أعراضه.
تنقسم ردود فعل الأهل هنا إلى هؤلاء المهتمين جداً والمبالغين في الانتقاد
أو في الرعاية المفرطة مما يسبب تدهوراً في الحالة، لعدم تحمل المريض هذا
الزخم من المشاعر المتدفقة إيجابية كانت أم سلبية. فهناك من يهمل المريض
ويتركه لشأنه بلا أدنى رعاية، مما يسبب له انتكاسة نظراً لعدم التفاعل مع
البيئة المحيطة، ومن ثم الاستسلام للبلادة والتكاسل والدخول إلى عالمه
الخاص، مما قد يشجع على نمو الهلاوس والأفكار الخاطئة التي ليس لها برهان
أو دليل في الواقع لكن المريض يقتنع بها تماماً إلى درجة لا تقبل الشك.
«السيكدزوفرنيا» ليس ازدواج أو انفصام الشخصية ـ جرى العرف أن المصابين
بالفصام العقلي خطرون، وتلقبهم الصحافة، وأحياناً أجهزة الأمن بـ «المختلين
عقلياً» وهو اصطلاح فضفاض وغير دقيق، بل وظالم في كثير من الأحيان. كما
يعزى إلى المصابين أنهم على درجة من العنف في حين أن هذا – علمياً - غير
صحيح إلاّ في حالة المجرمين، الذين يصابون بفصام عقلي لاحقاً، لأن نسبة
العنف بين الأسوياء أكبر بكثير منها في المضطربين عقلياً.
ماذا يسبب «السيكدزوفرنيا»؟
ليس هناك سبب واحد أو وحيد، كما هو الحال بالنسبة للأمراض الأخرى، مثل
أمراض القلب، فهي تنتج عن تضافر عوامل مختلفة نذكر منها: العوامل الوراثية،
والعوامل السلوكية والبيئية وغيرها، وله مسببات مختلفة، لكن العلم الحديث
لم يتوصل إلى فهم كل المسائل المتعلقة بهذا المرض المركب. لكن من المؤكد أن
العامل الوراثي عامل قوي جداً في الإصابة بجانب وجود صعوبات لأم المصاب
أثناء حملها فيه.
كيف يمكن للناس مساعدة مريض (الفصام)؟
لا بد من وجود شبكة رعاية اجتماعية تشمل المريض وأسرته وجيرانه أيضا. البحث
العلمي يقودنا ويدلنا إلى مناطق جديدة وتصنيفات غير معهودة لكيمياء المخ
العصبية خاصة مادة (الدوبامين)، كما أن طرق رسم الدماغ وتصوير المخ
ومزيناته وتحديد وظائفه، مكنت العلماء من رؤية واعدة لحلّ لغز هذا المرض
المركب.
الدعم يبدأ بالتوضيح والمساندة وتجنب «وصمة العار» التي تلتصق بالمريض
وأهله، وتجنب السخرية منهم أو الخوف غير المبرر من التعامل معهم، مع العلم
أن المعاني من الفصام يحتاج إلى رعاية خاصة أحياناً، لا سيما عندما يقاوم
أو يرفض فكرة العلاج أو متابعة الطبيب أو التهيئة النفسية المتابعة له. هنا
يفضل أن يتولى أحد أفراد الأسرة مهمة المعالج المساعد، بمعنى الإشراف على
تناوله الدواء في مواعيده، والذهاب إلى الطبيب، والتأكد من عدم ترك المريض
بمفرده في وقت فراغ يخلق حالة خاصة تجعله نهباً للأفكار الشاردة والخيالات
المرضية.
كيف يمكن تمييز الأعراض الأولى للمرض؟
عدم تناول الطعام، أو الشعور بقلق فلا ينام.
البدء في إهمال النظافة الشخصية والعامة مما يدعو الآخرين إلى لفت نظرهم.
الشعور بالخوف أو الشك، والقلق من نيات الناس.
سماع أصوات غير محددة بين حين وآخر، وأحيانا صعوبة في التركيز.
الأشياء التي تجعل من حالته غير مستقرة:
عدم القدرة على الاختلاط بالناس.
استعمال كل أنواع المخدرات ـ القلق الزائد لأبسط الأمور.
خلافات متزايدة مع الأسرة والأصدقاء أو الجيران
نصائح للمريض عندما تداهمه الأعراض
عدم الانطواء على النفس وقضاء بعض الوقت مع أشخاص آخرين.
ملء أوقات الفراغ.
مشاهدة التلفزيون والاستماع إلى الإذاعة، لكن ليس بصوت عال قد يضايق أسرتك أو الجيران.
تذكر بأن هذه الأصوات لا يمكن أن تضر بك.
تذكر بأن هذه الأصوات لا تملك أي سلطة عليك ولا تستطيع أن تفعل لك شيئا.
ابحث عن شخص ما تثق به تبوح له بما تشعر به ويطمئنك.
معرفة الفصام والأدوية الخاصة بك.
اسأل عن معلومات مكتوبة حول التشخيص والعلاج.
رعاية جسمك:
اتباع نظام غذائي متوازن، يحتوي على الخضروات الطازجة والفاكهة.
تجنب التدخين، لأن السجائر تضر الرئتين والقلب والدورة الدموية والمعدة.
ممارسة الرياضة، حتى لو كان فقط لعشرين دقيقة يوميا كالمشي مثلا
بقلم /
د. خليـل فاضـل
تنطق (سيكدزوفرنيا) وتعني المرض العقلي، الفصام. «سيكدز» تعني انفصاما
و«فرنيا» النفس، أو الروح، لكن الصحافة والشعراء يستخدمون اللفظ للاصطلاح
على ازدواج الشخصية، في حين أن الأمر جد مختلف وأبعد وأعمق من ذلك بكثير.
السيكدزوفرنيا مرض عقلي مزمن وشديد، يتسبب في حالة عدم علاجه في حالة من
الفوضى السلوكية والخطر على صاحبه والآخرين، ويصيب حوالي 1% من عدد السكان
في كل بلاد العالم، ويظهر أكثر في الرجال في أوائل العشرينات من عمرهم أو
في أواخر سن المراهقة. أعراضه مرهقة مزعجة تتراوح ما بين هلوسات سمعية،
تتمثل في سماع أصوات لا مصدر لها ولا يسمعها غيره، أو الاعتقاد بأن الآخرين
يمكنهم قراءة أفكاره أو أن أفكاره تذاع على الملأ، أو أن البعض يمكنه
التحكم في موجات الدفاع ومراحل التفكير، أو أن هناك مؤامرة للإيذاء بدس
السم أو محاولة القتل، وهذا شعور جامح بالاضطهاد. باختصار، فهو خلل واضطراب
شديد يصيب التفكير، الشخصية، السلوك، ونمط الحياة ككل.
لكن تقدم العلم الطبي النفسي والعلاج الدوائي والمعرفي وسبل التأهيل والدمج
في الحياة العامة، جعلت التعافي منه أمراً ميسوراً بعد التدخل الصحيح في
كيمياء المخ العصبية خاصة زيادة حساسية مستقبلات مادة (الدوبامين) المسؤولة
أساساً عن (التفكير) وكذلك مادة (الجلوتامات).
يعالج الفصام بالعقاقير (المعقلة) المنظمة لكيمياء المخ. ولقد تقدم العلم
الحديث في هذا الشأن إلى درجة مدهشة، غير أن الدواء وحده لا يكفي لأن
العلاج التأهيلي والاجتماعي والوظائفي ضروري جداً، إلى جانب تعليم أهل
المريض وتوعيتهم بطبيعة المرض وكيفية التعامل مع أعراضه.
تنقسم ردود فعل الأهل هنا إلى هؤلاء المهتمين جداً والمبالغين في الانتقاد
أو في الرعاية المفرطة مما يسبب تدهوراً في الحالة، لعدم تحمل المريض هذا
الزخم من المشاعر المتدفقة إيجابية كانت أم سلبية. فهناك من يهمل المريض
ويتركه لشأنه بلا أدنى رعاية، مما يسبب له انتكاسة نظراً لعدم التفاعل مع
البيئة المحيطة، ومن ثم الاستسلام للبلادة والتكاسل والدخول إلى عالمه
الخاص، مما قد يشجع على نمو الهلاوس والأفكار الخاطئة التي ليس لها برهان
أو دليل في الواقع لكن المريض يقتنع بها تماماً إلى درجة لا تقبل الشك.
«السيكدزوفرنيا» ليس ازدواج أو انفصام الشخصية ـ جرى العرف أن المصابين
بالفصام العقلي خطرون، وتلقبهم الصحافة، وأحياناً أجهزة الأمن بـ «المختلين
عقلياً» وهو اصطلاح فضفاض وغير دقيق، بل وظالم في كثير من الأحيان. كما
يعزى إلى المصابين أنهم على درجة من العنف في حين أن هذا – علمياً - غير
صحيح إلاّ في حالة المجرمين، الذين يصابون بفصام عقلي لاحقاً، لأن نسبة
العنف بين الأسوياء أكبر بكثير منها في المضطربين عقلياً.
ماذا يسبب «السيكدزوفرنيا»؟
ليس هناك سبب واحد أو وحيد، كما هو الحال بالنسبة للأمراض الأخرى، مثل
أمراض القلب، فهي تنتج عن تضافر عوامل مختلفة نذكر منها: العوامل الوراثية،
والعوامل السلوكية والبيئية وغيرها، وله مسببات مختلفة، لكن العلم الحديث
لم يتوصل إلى فهم كل المسائل المتعلقة بهذا المرض المركب. لكن من المؤكد أن
العامل الوراثي عامل قوي جداً في الإصابة بجانب وجود صعوبات لأم المصاب
أثناء حملها فيه.
كيف يمكن للناس مساعدة مريض (الفصام)؟
لا بد من وجود شبكة رعاية اجتماعية تشمل المريض وأسرته وجيرانه أيضا. البحث
العلمي يقودنا ويدلنا إلى مناطق جديدة وتصنيفات غير معهودة لكيمياء المخ
العصبية خاصة مادة (الدوبامين)، كما أن طرق رسم الدماغ وتصوير المخ
ومزيناته وتحديد وظائفه، مكنت العلماء من رؤية واعدة لحلّ لغز هذا المرض
المركب.
الدعم يبدأ بالتوضيح والمساندة وتجنب «وصمة العار» التي تلتصق بالمريض
وأهله، وتجنب السخرية منهم أو الخوف غير المبرر من التعامل معهم، مع العلم
أن المعاني من الفصام يحتاج إلى رعاية خاصة أحياناً، لا سيما عندما يقاوم
أو يرفض فكرة العلاج أو متابعة الطبيب أو التهيئة النفسية المتابعة له. هنا
يفضل أن يتولى أحد أفراد الأسرة مهمة المعالج المساعد، بمعنى الإشراف على
تناوله الدواء في مواعيده، والذهاب إلى الطبيب، والتأكد من عدم ترك المريض
بمفرده في وقت فراغ يخلق حالة خاصة تجعله نهباً للأفكار الشاردة والخيالات
المرضية.
كيف يمكن تمييز الأعراض الأولى للمرض؟
عدم تناول الطعام، أو الشعور بقلق فلا ينام.
البدء في إهمال النظافة الشخصية والعامة مما يدعو الآخرين إلى لفت نظرهم.
الشعور بالخوف أو الشك، والقلق من نيات الناس.
سماع أصوات غير محددة بين حين وآخر، وأحيانا صعوبة في التركيز.
الأشياء التي تجعل من حالته غير مستقرة:
عدم القدرة على الاختلاط بالناس.
استعمال كل أنواع المخدرات ـ القلق الزائد لأبسط الأمور.
خلافات متزايدة مع الأسرة والأصدقاء أو الجيران
نصائح للمريض عندما تداهمه الأعراض
عدم الانطواء على النفس وقضاء بعض الوقت مع أشخاص آخرين.
ملء أوقات الفراغ.
مشاهدة التلفزيون والاستماع إلى الإذاعة، لكن ليس بصوت عال قد يضايق أسرتك أو الجيران.
تذكر بأن هذه الأصوات لا يمكن أن تضر بك.
تذكر بأن هذه الأصوات لا تملك أي سلطة عليك ولا تستطيع أن تفعل لك شيئا.
ابحث عن شخص ما تثق به تبوح له بما تشعر به ويطمئنك.
معرفة الفصام والأدوية الخاصة بك.
اسأل عن معلومات مكتوبة حول التشخيص والعلاج.
رعاية جسمك:
اتباع نظام غذائي متوازن، يحتوي على الخضروات الطازجة والفاكهة.
تجنب التدخين، لأن السجائر تضر الرئتين والقلب والدورة الدموية والمعدة.
ممارسة الرياضة، حتى لو كان فقط لعشرين دقيقة يوميا كالمشي مثلا
بقلم /
د. خليـل فاضـل