أثبتت دراسة حديثة أجريت على عدد من التوائم في أمريكا أن هناك عوامل بيئية، بما في ذلك الظروف في رحم الأم، تتسبب في الإصابة بالتوحد إلى جانب عوامل وراثية أخرى.
ويقول د. بيتر زاتماري رئيس قسم الطب النفسي للأطفال وعلوم السلوك بجامعة ماكمستر في اونتاريو إن "لهذه الدراسة أهمية كبري لأنها تؤكد تأثير العوامل الجينية في الإصابة بمرض التوحد، ولا تغفل تأثير العوامل البيئية التي يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً لا يقل عن العوامل الوراثية في الإصابة بهذا المرض، الذي يصيب ما يقرب من 1% من الأشخاص في العالم المتقدم".
ولعدة عقود ماضية ظل علماء الطب النفسي يعتقدون أن التوحد يحدث بسبب نقص دفء الأمومة, إلا أن هذا الاعتقاد تم دحضه لصالح التفسيرات الجينية. ولكن هناك توافق عام على أن الجينات ليست هي اللاعب الوحيد المسبب للمرض لأن زيادة معدلات الإصابة بهذا المرض أصبحت تفوق النسبة التي يمكن أن تحدثها العوامل الوراثية وحدها.
وأشار باحثون آخرون لعدة عوامل أخرى مسببة لمرض التوحد مثل عمر الأبوين وتعدد مرات الحمل ونقص وزن الوليد وتناول الأم لبعض العقاقير أو تعرضها لعدوى أثناء الحمل.
وفي هذه الدراسة التي تعد الأكبر على التوائم, قام الباحثون بمتابعة 192 زوجا من التوائم من قاعدة بيانات كاليفورنيا. وكان هناك على الأقل أحد التوائم في كل زوجين يعاني من مرض التوحد بشكله التقليدي الذي يتصف بانسحاب اجتماعي حاد مصحوب بمشاكل التواصل والسلوك المتكرر. وفي الكثير من الحالات كان التوأم الآخر يعاني من نفس النوع من التوحد التقليدي أو أحد الأنواع الأخرى المتوسطة.
من المعروف أن التوأمين المتماثلين يتشاركان نفس الجينات بمقدار 100%، بينما التوأمان غير المتطابقين يتشاركان بنسبة 50% من الجينات. ولهذا فإن مقارنة معدلات الإصابة بالتوحد في نوعي التوائم يمكن أن يساعد الباحثين على قياس أهمية العوامل الجينية في مقابل البيئية.
وقد وجدت الدراسة أن التوحد يحدث في التوأمين، بنسبة 77% في التوائم المتطابقة من الذكور، وبنسبة 50% في التوائم المتطابقة من الإناث. وكما هو متوقع كانت معدلات الإصابة بين التوائم غير المتطابقة أقل إذ وصلت إلى 31% بين التوائم الذكور و36% بين التوام الإناث.
وتظل النتيجة المدهشة هي مساهمة العوامل البيئية المشتركة في 58% من الحالات.