اكتشف علماء معاهد الصحة القومية الأميركية مسارا حيويا يتيح للدهون البيضاء، بدلا من تخزين السعرات الحرارية والتسبب بالبدانة والنوع الثاني لمرض السكري، أن تحرق السعرات الحرارية الفائضة بالطريقة المألوفة لدى الدهون البنية والعضلات، حسب بيان تلقته الجزيرة نت من معاهد الصحة القومية.
المعلوم أن وظيفة الدهون البيضاء تخزين السعرات الحرارية، وأن وجود الكثير منها يعني البدانة وزيادة مخاطر الإصابة بالنوع الثاني للسكري وأمراض أخرى, بينما تولد الدهون البنية الحرارة للحفاظ على درجة حرارة الجسم.
ومثل العضلات أيضا، تحتفظ الدهون البنية في خلاياها بكميات وفيرة من الميتوكوندريا (مصانع إنتاج الطاقة بالخلايا) الحاوية للحديد وتحرق السعرات الحرارية لإنتاج الطاقة.
نتائج مفاجئة
ويعد تغيير الدهون البيضاء إلى دهون بنية أو أنسجة عضلية نهجا جديدا واعدا لعلاج البدانة ومنع النوع الثاني للسكري، رغم أن الطريق لا يزال طويلا قبل تطبيق نتائج الأبحاث على البشر.
ويقول الدكتور سوشل رانيه، مؤلف الدراسة والباحث بمعهد أمراض السكري والهضم والكلى، إن النتائج كانت مثيرة وغير متوقعة.
ولم يكن الباحثون يتطلعون إلى اكتساب الدهون البيضاء لخصائص الدهون البنية. لكن هذا ما وجدوه بتحول الدهون البيضاء إلى بنية، جراء زيادة الكوندريا في خلاياها، وإطلاق جينات مسؤولة عن العضلات.
ولفت رانيه إلى أن معظم الجهود المبذولة لمكافحة البدانة بالحمية الغذائية غير ناجحة في المدى الطويل، "لذلك هناك حاجة طبية عاجلة لإيجاد سبل تمنع تخزين الدهون".
كذلك، يرى رانيه أن اكتشاف إمكان خفض الدهون البيضاء بتحويلها جزئيا لدهون بنية وعضلات، يفتح آفاقا جديدة لمكافحة وباء البدانة.
"
الخطة البحثية القادمة للباحثين هي تصميم نهج أكثر استهدافا وتركيزا من أجل تحويل الدهون البيضاء للفئران جزئيا إلى دهون بنية أو حالة شبه عضلية دون تقويض جهاز المناعة
"
أجسام مضادة
وتوصل الباحثون لاكتشافهم عبر الفئران بواسطة الحد من وظائف أو أعمال بروتين يسمى TGF-بيتا، وذلك بطريقتين: الأولى بالهندسة الوراثية والثانية باستخدام أجسام مضادة، وهي بروتين مختلف يبحث عن بروتينات TGF-بيتا ويعطل عملها.
وتحدد بروتينات TGF-بيتا قدرة الخلايا على النمو والعمل بشكل طبيعي. ولدى تعطيل أعمال TGF-بيتا، رأى الباحثون الدهون البيضاء بالفئران تصبح بُنية، مع مزيد من الميتوكوندريا التي هي مصدر الطاقة بالخلايا.
وقد ازداد النشاط الأيضي (الميتابولزم)، بسبب الميتوكوندريا، مما أدى إلى حرق السعرات الحرارية، وبالتالي تقليل البدانة.
ويشير الدكتور مارك ريتمان، رئيس شعبة السكري والغدد والبدانة، بالمعهد القومي لأمراض السكري والهضم والكلى، إلى أن الوظيفة الافتراضية للدهون البيضاء هي تخزين الطاقة، لكن هذا الاكتشاف يحدد طريقة ممكنة لكي تقوم بحرقها بدلا من تخزينها.
صيانة المناعة
كذلك، تم اختبار الأجسام المضادة والمعطلة لبروتينات TGF-بيتا، كعلاج لسرطانات البشر من خلال تجربة أجراها المعهد القومي للسرطان.
لكن نظرا للآثار الجانبية المحتملة لهذه الأجسام المضادة، بما في ذلك تقويض جهاز المناعة واستجاباته، لم يتم اختبارها أو إقرارها علاجا للبدانة أو للنوع الثاني من السكري لدى البشر.
بيد أن الخطة البحثية القادمة للباحثين هي تصميم نهج أكثر استهدافا وتركيزا من أجل تحويل الدهون البيضاء للفئران جزئيا إلى دهون بنية أو حالة شبه عضلية دون تقويض جهاز المناعة.
وينوه الدكتور غريفين رودجرز، مدير المعهد القومي لأمراض السكري والهضم والكلى (NIDDK)، بأن اكتشافات كثيرة وعظيمة هي نتاج العمل البحثي الجاد والانفتاح على ما تحمله النتائج من مفاجآت، والاستعداد لتتبع اتجاه تلك المفاجآت حيثما تؤدي.
وإذا ما دعم البحث المتواصل النتائج الراهنة، سيكون لهذا الاكتشاف إمكانات واعدة لتحسين علاجات البدانة والوقاية من النوع الثاني لداء السكري.